( ود الطيار ) والاسرة المصرية في الحرب السودانية(8)

*( ود الطيار ) والاسرة المصرية في الحرب السودانية(8)*
وصل متولي واسرته اطراف القرية التي يعرفها جيداً وزارها كثيرا فارتسمت علي وجهه ابتسامة عريضة وانفرجت اساريره ولاحظت زوجه ذلك وانتقل اليها ذات الاحساس وهي تضم (حنين) الي صدرها وتقبلها وسرعان ما انتقل ذات الاحساس للجميع بالمشاركة الوجدانية التي لا تحتاج لكلمات انها لغة الارواح… فتغيرت علامات وجوههم بدرجة كبيرة وملحوظة نتيجة لما ظهر علي وجه رب الاسرة فنقل ذات الاحساس للجميع وشعروا بالارتياح وهم علي مشارف القرية
………. ….
…………..
عندما كان (ود الطيار) يتصل علي (متولي) وهو في تلك الظروف القاسية كان (متولي) يخبره عن معاناة (السماني) المحاسب لديه بالشركة وانه يكابد ذات ظروفهم وهو من (ابناء سنار) ويسكن
( بكافوري) التي تشهد اشتباكات عنيفة ووضعهم متازم جداً وهناك خطورة علي حياتهم و ابدي متولي قلقه الشديد علي (السماني) وطلب من( ود الطيار) ان يبحث لهم ايضاً عن منزل بالقرية فكان رد (ود الطيار) ( المهم تقدروا تمرقوا البيت كبير وبشيلكم كولكم )
يبدو ان( متولي) يعرف صديقه جيداً و(عشمو فيو مابنقطع) كما يقول اهلنا وحقاً لم يخب ظنهما في بعضهما في مصر والسودان ويبدو ان كلاهما (قدم السبت فوجد الاحد ) كما يقولون دون ان يقصدا ذلك لكن قادتهما اخلاقهما وسموها لكل ما هو جميل
………
توقف (الدفار) امام منزل (ود الطيار) وكانت المفاجاة ان (السماني) كان اول مستقبلي متولي واسرته اذا لم يصدق متولي عيناه… لقد كان هناك تنسيق بين ود الطيار والسماني بعد مكالمة (متولي) و مده برقم هاتف (السماني) و اراد ان يجعل ذلك مفاجاة رغم انه لا يعرف السماني
……
نزل الجميع من (الدفار) وانزل لهم مستقبلوهم اغراضهم وادخلوهم للمنزل فقد تم ترتيب كل الاوضاع وكانت الابتسامة تعلو وجوه الجميع واحضان وقبلات وحمداً لله علي السلامة
……….
……….
(زهير) الاخ الاصغر لود الطيار مع (اسراء) الاخت الصغري لزوجه وابنة عمهم كانوا قد جهزوا كل شي يمكن ان يحتاجه الضيوف من مواد تموينية وغذاءات وغيرها لمدة قد تمتد فالحرب قد دخلت مراحل يصعب معها امل توقفها قريباً
اخيرا استقرت الاسرة المنكوبة وحضرت الموائد (الما خمج) تناول الجميع الطعام والماكولات والمشروبات واستأنس بعضهم البعض وبدأ عليهن الارتياح رغم تعب الأجساد استأذنهم مستضيفوهم كي يستريحوا……
فناموا ليلتهم تلك كما لم يناموا من قبل فالعشرة ايام التي عاشوها اورثتهم التعب والانهاك والهموم…. استيقظ متولي باكرأ وهو يبكي فايقظ بكائه الجميع وهو يمسح دموعه و يبتسم ثم حكي لهم رؤيته (للشيخ البدوي) بين النوم و اليقظة وهو يحتضنه قائلا له لقد كان الله معكم وعوداً حميداً…. و مرحباً بكم في (طنطا)
استبشر الجميع خيراً بهذه الرؤيا رغم استغرابهم لقوله (مرحباً بكم في طنطا) وهم من البحيرة فقال متولي ضاحكاً (اهو كلو مصري) وبدأت الشمس ترسل اشعتها واصوات العائدون من صلاة الفجر تبدو قريبة منهم والاحساس بالراحة يملأ المكان …ثم طرق خفيف علي الباب فتحوا له بعد توجس فاذا به( زهير) وهو يجر كبش اقرن قائلاً (ح نضبح الكرامة) فرد (متولي) رداً غير متوقع وهو يبتسم (ونحن ح نطفر الخروف) ثم ضحك كلاهما (وكبر احدهما وذبح ثم طفر الاخر وفرح) وكانهما يحاكيان مقطع تلك الاغنية التراثية (ضبحولنا الكرامة وصبحنا فرحانين)
كان صباحاً سودانياً جميلاً خالطته الروح المصرية وخفتها و اجتمع بعض الجيران و شاي الصباح مع الكرامة ورائحة الشواء تعبق المكان والسيدات مع (اسراء) يجتهدن في تحضير الافطار وروح (التكامل) كانت تسيطر علي الجميع في يوم اعتبرته اسرة (متولي) من اجمل (ايام الحرب) وظل عالقاً بذاكرة الاطفال الذين اندمجوا مع بعضهم ولعبوا كثيراً وفرحوا والطمأنينة تحلق فوق روؤسهم……
وعند الظهيرة انفض الجمع للصلاة والقيلولة…..
استلقي متولي علي ظهره ممدداً جسده علي السرير الوثير وبدأ يسترجع الصور ومشاهد العشرة ايام الكئيبة ورؤيا (الشيخ البدوي) وما زرعته من بشريات في نفس الاسرة و حتي كرامة اليوم و كبشها فتذكر للمرة الاولي في السودان وهو في ساعة صفاء مسلسل (خواجة عبد القادر) وبطله يحيي الفخرانى وتذكر ان احداث ذلك المسلسل كانت بالسودان واسر في نفسه كيف لا يسلم ذلك الخواجة العربيد وقد وطئت اقدامه هذه البلد الطيب اهله الكثير خيره… وقصة خواجة عبد القادر في زمن الاستعمار وقعت احداثها بين (لندن والشكينبة) والتقت روح الشيخ المكاشفي مع روح (الخواجة) السكران الحيران الذي يفكر بالانتحار وتعارفتا وتم التالف بينهما قبل ان يسلم الخواجة في (الشكنيبة) وقد اخرج المصريون تلك القصة في قالب اكثر من رائع
يا تري هل هناك ما ينتظر متولي (بطنطا) رغم الفوارق بين الحكايتين…..
يتبع…..
سلام
محمد طلب