(ود الطيار) والاسرة المصرية في الحرب السودانية(6)
(ود الطيار) والاسرة المصرية في الحرب السودانية(6)
استلم صاحب( الدفار) الديزل والمبلغ المتفق عليه واتجه بخضاره نحو السوق المركزي بجنوب الخرطوم ويبدو انه تعود علي الطريق وبني (علاقة) مع (الارتكازات) الكثيرة علي الطريق و(العلاقة) امر تعود عليه الناس في السودان و (مشي حالك) هي العلاقة السائدة بين الدولة وخدماتها مع المواطن و كلنا شركاء في الاخطاء التي كانت السبب فيما نحن عليه الان من حرب واقتتال من غير المعقول والمقبول اختزاله في (جنرالين) يقودان القوات المتقاتلة
تم تزويد السائق برقم هاتف (عمار) ومحمد متولي حتي يسهل عليه الوصول لمكانهم الذي اصبح بعد خروجهم من اكثر المناطق التهاباً وكل مناطق جنوب الخرطوم…..
ما زال ود الطيار في تواصله مع كل معارفه لانقاذ صديقه طوال هذه الفترة منذ ايامه في السعودية و بعد اداء العمرة و هو نفسه قد تقطعت به سبل العودة الي بيته واولاده بالسودان ولم تكن الامور قد اتضحت في الايام الاولي وانتقل هو و زوجه للامارات وظل متابعاً من الامارات ولعل كل هذا ترتيب رباني وقوة الهية سخرت كل هذه الظروف لانقاذ (متولي) واسرته.. يا تري ماذا فعل هذا الرجل في حياته اظن انه (الحب) في مفهومه الواسع
(ود الطيار) هو الاخ الاكبر لعدد من الاخوان يعادل عدد اخوات محمد متولي البنات وكلاهما الاخ الاكبر تعلما الكثير من ابائهم ويتشابهان في خارطة الحياة (متولي) ابن الصياد الذي يرمي شباكه وينتظر رزقه مؤمناً وعاملاً بقوله تعالي في سورة المائدة الاية 94 (ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله ايديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدي بعد ذلك فله عذاب اليم) فتنال ايديه ما تنال من شباكه التي رماها وان لم تنل فهو الصابر والمؤمن والمجرب ان الرمية التالية فيها خير وفير فهي مهنة تحتاج كثير من الصبر وبها من الامتحان والابتلاء ما لايحتمله الا المؤمن
(ود الطيار) والده مزارع يدفن البذرة وينتظر النبت مؤمناً بانه ليس (الزارع) فهو من يحرث ثمريدفن ويسقي ويحرس و القران اكثر من واضح في قوله تعالي في الاية (64) من سورة الواقعة ( أانتم تزرعونه ام نحن الزارعون…)
(ود الطيار) و(محمد متولي) كلاهما الان يدير اعماله الخاصة التي تدر عليهما ما شاء الله لها ان تدر….. انها رحلة الصبر والكفاح وكلاهما قصة اخري في رحلة الحياة
……..
انزل الدفار كل خضاره الذي سوف يحل محله متولي واسرته ويبدو ان قائد الدفار (تفتيحة) وامهر من قادة الحرب انفسهم فقد باع وقبض وهم يتقاتلون ام انهم قبضوا مسبقاً.. لا ادري فالعلم عند العالم العلام
اتصل سائق الدفار علي (عمار) كي يعرف موقعهم تحديداً وكانت اخر كلمة قالها لعمار (آآآي عرفتو) قبل ان يقفل هاتفه وتدوي اصوات القنابل القادمة من اين لايدري ولا ندري… وانطلق بمهارة محاولاً تجاوز تلك النيران وقد نجح.. الم اقل لكم انه(تفتيحة) ويملك مفاتيح المخرج بل مجازف ومتهور سخره الله لهذه المهمة…
اتجه نحو شارع الهوي قاصداً الكلاكلة… اخرج هاتفه واتصل هذه المرة علي (محمد متولي) مباشرة وقال بسرعة خليكم جاهزين عشرة دقائق( بكون معاكم)
لم يكن محمد متولي بحاجة لتجهيز اي شئ فقد كان مستعداً فقط اخبر زوجته وابنه يوسف للترتيبات الاخيرة وما هي الا دقائق وكانت كل الاغراض قرب الباب وهم يودعون الاسرة المضيفة وصوت (البوري) والسيارة تتوقف امام الباب والدموع الحبيسة لم تجد مجالاً سوي ان تنهمر نعم انها معرفة ليلة واحدة لكنها مملؤة بالاشجان الحزينة ومأسي الحرب المشتركة والزمن لايقاس بالساعات التي نلبسها للزينة وضبط الوقت.. فيومنا هذا له مقادير اخري في سور القران الاية (4) من سورة المعارج والاية (5) من سورة السجدة توضح حسابات اخري ومختلفة والاحساس بالوقت ربما هو الذي يحدد طوله او قصره فقد تغني احدهم (الساعة قربك تبدو اقصر من دقيقة)
واظن علي العكس تماماً كانت ساعات و ليالي وايام محمد متولي واسرته وكثير من الناس في هذه الحرب وما اقساه واطولها علي جنود الوطن وكل الوطن يفقد ويفتقد الامن والامان و الارواح و هذه اوقات لايمكن حسابها بساعات ( السيكو 5) ………….. و نكمل
يتبع
سلام
محمد طلب