(ود الطيار) والاسرة المصرية في الحرب السودانية (2)
*(ود الطيار) والاسرة المصرية في الحرب السودانية(2)*
اثناء تواجدي بمصر في رحلة العلاج وقبل هذه الحرب اللعينة التي لم يتوقعها البسطاء من شعبنا الكادح المسكين
في هذه الرحلة العلاجية عرفت الكثير عن اهل مصر وخلقهم و تعاملهم الراقي وكرمهم واجتهادهم في بناء انفسهم وبالتالي وطنهم عبر اهدافهم التي يحددونها مسبقاً ثم يسيرون في طريقها بكل ما اوتوا من قوة وثبات.. وتغيرت كثير من الافكار الراسخة عندي مسبقاً عنهم (وليس من راي كمن سمع) بل حتي عندما تعاملت مع محمد متولي في السودان كانت ذات الفكرة تسيطر علي دون وعي
لكني دونت عشرة مقالات تحت عنوان *مصر المؤمنة باهل الله* صححت بها ما رسخ عند معظم اهل السودان
………
في ذات نهار شتوي ماطر وعند عودتي للشقة بحي المهندسين و التي تركت بها اخي لوحده ولحظة وقوفي عند الباب سمعت اصوات كثيرة (ونسة) فتحت الباب ودلفت للداخل فوجدت مجموعة من الاهل وبينهم م. محمد متولي… لم اكن اعلم انه موجود بمصر وكنت علي علم بوصول البقية للقاهرة من مرافقي (احمد) وعلمت منه ان (فادية) اتت من السودان لاجراء عملية بالقاهرة ومعها زوجها واختها و ان (محمد متولي) هو دليلهم بالقاهرة بتوصية من (ود الطيار) وعلمت لاحقاً ان معظم اهل ومعارف (ود الطيار) كان دليلهم بمصر (محمد متولي) وقدم لهم خدماته دون كلل او ملل… (فادية) وزوجها واختها اتو للطبيب عند العاشرة صباحاً من ذلك اليوم ولديهم موعد اخر عند الرابعة وفضلوا البقاء في وسط البلد لان الذهاب (للفيصل) ثم العودة سيكون متعباً بالذات للمريضة..
استانسنا بهم وتناولنا وجبة الغداء وكان اخي القادم من الخليج مصراً علي طلب غداء من المطعم فقلت له الباشمهندس( دا زولنا) و(اكل معانا الويكة زااااتا ختو العندكم) و هو سوداني (اكتر منك) لانه يعرف السودان جيداً وطاف معظم الفيافي والمدن (دا ود البراري و امتداد ناصر قلب الخرطوم محل الريس بنوم والطائرة بتقوم) و ذات المكان الذي جعله و اسرته في ورطة كبيرة عند بداية الحرب والسيطرة علي مطار الخرطوم من قبل قوات الدعم السريع المقاتلة
…….
في ساعة باكرة من فجر 15 ابريل (يوم الحرب) في نهايات العشر الاواخر من رمضان ايام العتق من النار اتجه (ود الطيار) وزوجه بنت عمه (سلمي) نحو مطار الخرطوم فقد تم اخطارهم بتقديم مواعيد اقلاع طائرتهم ساعة كاملة (سبحان الله) الساعة الثامنة بدلاً عن التاسعة وبينهما قامت الحرب…. لقد كانوا متجهين لاداء العمرة ولم يدر بخلدهم ان ما حدث بذاك اليوم يمكن ان يكون واقعاً وطائرتهم المقلعة للتو ولم تغادر سماء الخرطوم والرصاص يدوي تحتها بعد اقلاعها مباشرة كان مطار الخرطوم موقعاً للارهاب وكانت الطائرة التي اقلتهم هي اخر طائرة تقلع من مطار الخرطوم قبل 100 يوم من الان و قد ظلت ابصارهم علي المطار من تحتهم وقلوبهم مع اهلهم واطفالهم والسودان حتي غابت عن انظارهم الخرطوم وظل خيالهم يكمل لهم بقية المشاهد والقلوب تدمي والعيون جاحظة وساهية..والكل في دهشة علي الجو والبحر والبر
……..
الكلمات الاتية كتبها المهندس محمد السيد المتولي بالامس وهو سالماً بارض الكنانة مع اسرته واهله *(عشت في فترات السودان كلها عشت افضل فترات السودان ثم انفصال الجنوب ثم الثورة ثم الحرب صاحبت فيها الكثيرين من الاخوة والأحبة وعملنا وتشاركنا معا وتقاسمنا لقمة العيش سوياً لا اتذكر للسودان وأهله الا الخير فقد قدمت الى السودان ولا املك من حطام الدنيا اي شئ فأكرمنا الله بأهل السودان اولا ثم برزقه الواسع*
*ثانياً عاشرت اهل السودان واختلطت بهم فلم اجد منهم الا اهل المروءة والنخوة و الرجولة*
*ولا أنسى فضل اهل السودان عامة و أهل مدينة العيلفون خاصة و أخص الشيخ ادريس محمد الشيخ ( ود الطيار ) و أهله وأصدقاءه و كل من كان من طرفه فوسعونا بقلوبهم قبل ان يسعون بكل ما احتجنا له خلال اقامتنا هناك وحتى بعد عودتنا الي القاهرة)*
نقلتها لكم نصاً كي تعبر عن الاحساس الحقيقي لسفراء الدبلوماسية الشعبية (ود الطيار) و (محمد متولي) وما احوجنا لهذه (الثقافة)
فالثقافة ليست حشد الكم الهائل من المعرفة في العلوم والاداب والفنون بقدر ماهي توسعة مواعين (الفعل الايجابي) وهذا ما فعله هؤلاء السفراء الشعبيين في كل من القطرين
………
ليس ببعيد عن ارض المعركة في القيادة العامة ومطار الخرطوم و بشارع المعرض يقع سكن المهندس محمد متولي وعلي صوت الرصاص و دوي المدافع بعد الساعة الثامنة بقليل استيقظت الاسرة والاطفال في خوف وهلع لايدرون ماذا هناك وسرعان ما انتشر خبر الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ثم القنوات الفضائية لكن لم يكن معظم الناس يتوقعون استمرار هذا الصراع لوقت طويل…
…… ….
بعد هبوط الطائرة التي اقلت الشيخ ادريس(ود الطيار) وزوجه بمطار جدة اخذوا يسمعون اخبار الحرب وقلوبهم مع اولادهم والاهل والاصدقاء و بدأت الاتصالات المكثفة بالسودان وكان في ذلك صعوبة كبيرة نسبة لانقطاع بعض الشبكات عن الخدمة وانقطاع التيار الكهربائي ووو ونواصل
يتبع
سلام
محمد طلب