الدكاترة كشفوا القلب
*الدكاترة كشفوا القلب*
(الدكاترة كشفوا القلب ولقوا قلبي زائد ضرب) العنوان اعلاه مقطع لاغنية تغنيها البنات في رقيص العروس وبها (قوون)
ورقيص العروس الذي يتخذه الموروث التقليدي عندما شهدناه في السبعينات كمنافسة حامية بين العريس والعروس في جو من الطرفة والمرح والرقص والطرب و ربما بداية لحياة (التنافس) الشريفة او غير الشريفة المهم انها حياة تبدأ (بالاقوان) وربما تنتهي بالتعادل دون اعتبار (لاهداف) الزواج نفسه واغراض الاعمار منه والتربية السليمة للاجيال القادمة وبناء الاوطان (امسك يا جدع وطنك مايقع) …
تستغرق حكاية(الاقوان)هذه فترة طويلة في (التعليم) والتدريب و(فراغ نسوان عندنا تعليمة) – (وماشيين التعليمة وجايين من التعليمة) فتتمرس العروس علي هزيمة العريس بالاضافة للفراغ وربما الفراق القادم ولم نشهد قط (تمرداً) علي (تعليمة)او احراز (الاقوان) والرضا بالهزيمة وقبولها امر اكثر من طبيعي في رقيص العروس…
ولا ادري ان كان ذات الفعل قد استغرق فينا وخرج من (إطار) العريس والعروس واضحي بين كل رئيس ومرؤوس
ويستوقفني في هذا المحفل ان العريس لايرقص ولكن عليه ان (يبشر)و( ينقط) فقط ولا ينقد او (يتمرد) علي اي سلوك وان كان منافياً للدين نفسه
عموماً هي رمزيات لا ادري ما الغرض منها ولماذا يصرون علي (هزيمة) العريس … هل ليقضي بقية عمره مهزوماً امامها وامامنا وما عليه الا السمع والطاعة..
وفي الجانب الاخر العريس يمارس (البطان) علي اقرانه و(يتسدّ حقو) ويظهر قوته… و(يفش مغصتو) المهم (دا ما موضوعنا) وربما نعود له في مساحة اوسع
الدكتوراة درجة علمية رفيعة في التخصصات العلمية المختلفة… والدكتور في ثقافتنا هو الطبيب قبل (ثورة التعليم العالي) التي فتحت علينا بكم هائل من (الدكاترة) الاكفاء غير الاطباء واصبحت جامعاتنا ومعاهدنا العلمية والامنية تمنح هذه الدرجات العلمية بشكل كبير وكان قبلها عددهم نادر ويتم الحصول عليها (اي الدكتوراة) من جامعات اجنبية الي ان ادخلتنا ثورة التعليم العالي الي (سودنة) الدرجات العلمية ان صح التعبير وراحت السوربون واكسفورد وحتي القاهرة في خبر كان … ويبقي السؤال لماذا لم تكن جامعاتنا تمنح هذه الدرجات العلمية الرفيعة؟؟ ولماذا كانت تبعث المتميزين من طلابها للجامعات الانجليزية والفرنسية والامريكية وحتي المصرية؟؟ وكيف تم هذا الانفتاح الكبير لجامعاتنا في منح هذه الدرجات؟؟ وهل هي مؤهلة لذلك؟؟ عموماً تظل هذه الاسئلة تبحث عن اجابات (و دا برضو ما موضوعنا)
موضوع المقال اثاره عندي احد اعضاء القروبات (الكتيرة ومسيخة) وهو يرد علي احد (الدكاترة) مبتدراً حديثه (انت دكتور لنفسك) وحقيقة لا علم لي بتخصصه(اي هذا الدكتور) وربما من رد عليه ايضاً لا علم له بتخصصه …
لكني اعترض علي هذه الجملة الغير جميلة (دكتور لنفسك) واشركك عزيزي القارئ في الاجابة هل الدكتور طبيباً كان او حاملاً للدرجة العلمية( دكتوراً لنفسه فقط؟؟)
حسب فهمي اعتقد ان الدكاترة مكانهم الحقيقي والنافع هو الاكاديميات العلمية والبحث العلمي والمعامل وجامعاتها ينشرون علمهم للاخرين ويكتشفون الجديد ويطورون القديم وربما يقلبون موازين النظريات العلمية والعسكرية والاستراتيجية ان جدوا في بحثهم وصدقوا في عملهم وعلمهم والدين الحنيف ينصح ويقود الي ذلك بكل وضوح…ونشر العلم من مهام العلماء ( هو في علم اكتر من الدكترة)
في الدول الراقية التي تقدس العلم والعلماء لن تسمع بروف او دكتور في منصب وزير من وزراء الحكومة وان كان تخصصه في العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية او جملة مايعرف بالعلوم الانسانية .. وان وجد فلن يسبقه ذلك اللقب لان هؤلاء العلماء يعرفون مكانهم الطبيعي وموقعهم الذي يحترمهم ويحترمونه وجامعاتهم وطلابهم
ومهمتهم العظيمة
ربما نجد هذا (الخمج) و(الدغمسة) فقط في دول محيطنا المتخلف وبسوداننا المنتحب
هنا الان وفي هذه الظروف قروبات الواتساب تعج بالدكاترة والدكتورات والبروفات و(لا اعتراض) فوجودهم مهم ان كانوا يتحدثون بصورة علمية في مجال تخصصاتهم وينشرون المعرفة بعلم بلا اذي لكنهم يتحدثون في كل شئ عن جدوي المدفعية والوقت ليس للمشاة والخطة العسكرية وضرورة استنفار المدنين القادرين علي حمل السلاح والايدلوجيات الحزبية و(الدغمسة) ووو… حتي تجدهم يتحدثون في غناء الدلوكة والعرضة واغاني الحماس حتي من لا علم له بالموسيقي و (اشتر كمان) لكنه (دكتور)
اذكر في احدي الانتخابات ان احد المرشحين (في القري النائية وبعيدة) كان دكتوراً وجمهوره يهتف عبر مكبرات الصوت (مرشحكم تاج السر موحمد خير دكتوراة وماجستير) وجمهور منافسه يهتف بذات الحماس (الدكتور شالو الخور) كناية عن سقوطه المريع … سال احد كبار السن اثناء سماعه الهتاف (ماجستير يا شنو) اي ماذا تعني ماجستير وهو محق في سؤاله بمنطقة لا توجد بها حتي مدرسة ابتدائية… واحلام الكبريات من تلك القري في ذلك الزمن (بوستة ومدرسة اوسطي) وفي غيرها تكون المطالب (دونكي) لتخزين مياه الشرب وهذه المطالب البسيطة لم يتم انجازها من الاستقلال الي (معركة الكرامة) الحالية وهذا يبين الفراغ العريض بين هذا الكم الهائل من الدكاترة الهاذل بحالة الفقر المدقع كما يتضح جلياً عدم تركيز علي نوعية التعليم المطلوب لسد هذه الفجوة العظيمة
اود الاشارة هنا الي ان مايسود العالم الحديث في مجال التعليم لشغل الوظائف المرموقة بمهنية عالية الان هو التوسع الافقي في التخصص وليس الراسي لان التخصصات اصبحت دقيقة جدا وكل تخصص يحتاج لتخصصات في تفاصيله
الدكتور العزيز والبروف المحترم عندما تشارك في قروبات الواتس والميديا امامك خيارين لاحترام خبراتك العلمية والعملية
اما ان تحذف اللقب العلمي عند المشاركة (وتدافس زينا كدا)
والخيار الثاني ان تكون مشاركاتك بلقبك العلمي مختصرة علي التخصص العلمي المرتبط بالموضوع او القروب…. فليس من المقبول ان يتحدث لنا دكتور في الكيمياء بلقبه العلمي عن ايقاع الدليب في شمال السودان وارتباطه بثمار الدليب في غرب السودان… وقطعاً يمكنه الحديث بعيدا عن لقبه العلمي بما اراد يؤخذ ويرد عليه من (العنقالة) والا يعرض العلم للاستهتار الاستخفاف
مع خالص التقدير والاحترام اتمني ان نجني الفوائد من هؤلاء العلماء كما عليهم طالما انهم يضعون الالقاب العلمية امام اسمائهم ان يلتزموا خط العلم والمعرفة في تخصصاتهم والا يخوضوا في التهاتر مع الخائضين هذا مجرد رأي ربما اكون مخطئ به فاعينوني ولا تدعوني اغني مع ترباس:
(الجرح جرحي برااي منو البقاسي معاي)
سلام
محمد طلب