أخر الأخبار

*ورطة القنصل العام بجدة حين يضلُّ الطريق من كان حارساً للبوابة*

*ورطة القنصل العام بجدة حين يضلُّ الطريق من كان حارساً للبوابة*

 

في سابقة غريبة لم تألفها الدبلوماسية السودانية، وفي واقعة حيرت الألباب وضربت بأبسط قواعد الاحترام المؤسسي عرض الحائط، يجد القنصل العام السوداني بجدة، الأستاذ كمال علي طه، نفسه أمام موجة عاصفة من التساؤلات، بعد أن اقتحم دارا لا يحق له الدخول فيها إلا بإذن أهلها، إلا أنه تطفل وحشر أنفه في قضية ليست من صلاحياته، وأدخل يده في عش الدبابير دون مظلة قانونية أو غطاء دستوري أو أدنى مبرر موضوعي، فمنذ متى أصبحت القنصليات أداة إدارية تنفيذية تتدخل في عمل مؤسسات أخرى مستقلة، تمارس مهامها وفق تفويض رسمي صادر من جهات أعلى بالدولة؟ ما الذي يدفع قنصلاً عاماً للعب دور لا علاقة له به في سياق ترتيبات موسم الحج والعمرة، إلا من باب التنسيق البروتوكولي والتعاون الرسمي المألوف؟ هذه الأسئلة يطرحها الرأي العام بإلحاح بعد أن تورط القنصل وتسلق الدار من جدارها الخلفي، متجاوزا كل الأعراف الدبلوماسية، ومتغوّلا على مؤسسات أخرى بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وقدح بيده عود الثقاب الذي فجر موجة الغضب والاستهجان ، عندما قام ومن داخل مكتبه بإبراز مستندات خاصة من جواله تأكد فيما بعد أنها مسروقة من مكتب حجاج السودان وعرضها على الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة الأستاذ سامي الرشيد أحمد، في محاولة فجة للضغط عليه، بل وابتزازه، من أجل إعادة موظف نُقل من إدارة إلى أخرى وفق الإجراءات القانونية المتبعة داخل المجلس. ويا للفضيحة أن تخرج هذه المسروقات من داخل بيت يفترض فيه التمثيل الرسمي الراقي، والتواصل الدبلوماسي الرفيع، فهذا الأمر يستحق وقفة حاسمة من قيادة الدولة، ويستدعي مساءلة صارمة تضع الأمور في نصابها، وتردع كل من تسول له نفسه التلاعب بمؤسسات الدولة، أو الدخول في محاور تصفية حسابات على حساب المصلحة العامة، فهل أصبح القنصل العام مخولاً للاحتفاظ بوثائق لا تخصه، والتدخل في شؤون موظفين لا يتبعون له، ومساومة مسؤول حكومي لأجل قرار إداري داخلي؟! إنها سابقة تثير علامات تعجب واستفهام كبيرة، خاصة وأن الموظف المعني لا علاقة له بالقنصلية أصلاً، ولا يندرج ضمن هيكلها الإداري، وكل هذه التحركات تطرح فرضية صادمة، هل هناك مخطط فعلي لإزاحة الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة؟ وإذا صحَّ ذلك، فهل يقبل الضمير الوطني أن تتم محاولات الانقلاب على مؤسسة سيادية بهذه الطريقة الملتوية؟.

فالأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة وفي خضم مسئولياته ومشغولياته الكثيرة استطاع وضع اللبنات الأولى للتنسيق المبكر مع وزارة الحج والعمرة السعودية لموسم 1447هجرية، وساهم بجهد وافر في تعزيز صورة السودان في واحدة من أعقد الملفات التنظيمية، يُفاجأ بخطاب لقيط مدسوس، يستهدف شخصه لإبعاده، وفق ترتيبات ماسونية لا تخفى أهدافها على كل ذي بصر وبصيرة.

إن المملكة الآن في حيرة، والسودان في حرج حيث أن المسؤولين في وزارة الحج والعمرة السعودية الذين لمسوا احترافية واضحة في تعامل المجلس الأعلى للحج والعمرة، يقفون مذهولين أمام هذه المسرحية العبثية، التي بدت وكأنها من إنتاج مدرسة “الفوضى الخلاقة”، لكنها فوضى تُسيء إلى صورة السودان، وتنسف ثقة الشركاء في استقرار مؤسساته المعنية بشؤون الحج، وإذا أرادت الحكومة أن تظهر بكامل هيبتها، وتضع الأمور في نصابها، وتعيد التوازن إلى علاقة المؤسسات الرسمية بعضها ببعض، فيمكنها ذلك بسحب قرار الإقالة المخفي عن أعين الناس، وإبلاغ الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة بمباشرة مهامه والاعتذار منه عن الخطأ غير المقصود لأن الاعتراف بالذنب خير من التمادي في الباطل، لاسيما وسوداننا اليوم لا يحتمل المزيد من التشظي، والتشاكس المؤسسي، و تضارب الاختصاصات، ويجب أن يُقال للمتجاوز قف عند حدودك، وللمتآمر كُفَّ عن العبث، وللقوى الوطنية الحقيقية سيروا على بركة الله.

وهذه الفضيحة إن لم يتم التعامل معها بكل حسم، وتدمير مراكز نفوذها، فإنها ستفتح أبواباً خطيرة أمام الفوضى المؤسسية. ويجب أن يُضرب فورا على يد كل متجاوز، ويُردع فوراً كل متغول، ويُعزل فوراً كل من أهان وظيفة الدولة ومرغ هيبتها في وحل المغامرات والمطامع الشخصية، ولن ينجح البناء ما لم تُغلق منافذ الهدم، وما لم يتم تحصين المؤسسات الوطنية من تغول بعض السفراء، أو طموحاتهم غير المشروعة، ونحن نعيش في دولة مؤسسات لا عزبة خاصة لأحد، مهما علت مرتبته، ولكل من أراد العبث بالحج والعمرة، نقول له هنا تُرفع الملفات إلى الله، قبل أن تُرفع للمراجع العام.

*فرتاك حافلن*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى