حرب السودان تحدد طريقة نهايتها-وجه الحقيقية-إبراهيم شقلاوي
لم يتفاجأ السودانيين برد حكومتهم علي الدعوة المقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية لمفاوضات جنيف بسويسرا بين الجيش.. وقوات الدعم السريع المتمردة..؛ وذلك من واقع الإشارات الواضحة التي أرسلتها وزارة الخارجية بعد تسلمهما الدعوة..؛ حيث قال وكيل الوزارة أن الرد على الدعوة سوف يكون شكلا وموضوعا.. وهذه اللغة الدبلوماسية المتحفظة الناعمة كانت تحمل إشارات واضحة على أن الدعوة قامت على أخطاء اغفلت جوانب مهمة.. ؛ لم تكن لتفوت على فطنة الخارجية السودانية ولا على المراقبين للشأن السياسي السوداني أو العسكري .
الحكومة السودانية عبر الخارجية.. ردت بصورة تفصيلية على الدعوة حيث شكرت كل الجهود المخلصة لوقف الحرب وأكدت حرصها للذهاب نحو السلام.. ؛ في حال كان هناك التزام بمنبر جدة الذي أقر الخروج من الأعيان المدنية وبيوت المواطنين..؛ بحانب فتح المسارات والطرق الآمنة لوصول المساعدات الإنسانية..؛ كما أكدت تمسكها بوقف إطلاق النار كأولوية..؛ كذلك أكدت الحكومة على ضرورة التشاور معها حول شكل و أجندة المفاوضات و الأطراف التي تشارك فيها أو تحضرها..؛ كما طلبت قيام اجتماع مع الولايات المتحدة الأمريكية للترتيب الجيد للمفاوضات.؛
في تقديري أن هذا الرد الذي بعثت به الخارجية للوسيط الأمريكي..؛ يؤكد أنه ماتزال هناك مؤشرات جيدة لوقف الحرب وتحقيق السلام إذا وجدت الملاحظات المهمة التي أبدتها وزارة الخارجية السودانية اهتمام من قبل أطراف الوساطة..؛ بعيدا عن الضغوط وأشكال الابتزاز التي لا تعمل على إقرار مصلحة السودانيين..؛ بقدر ما تعمل على إقرار مصالح الداعمين للحرب على المستوى الإقليمي والدولي..؛
فالشعب السوداني رغم أنه يتوق للسلام وعودة الأمن والاستقرار بعد كل هذه المعاناة .. لكن بذات القدر يحرص على أن يؤسس السلام على قاعدة صلبة تقفل الباب على أية احتمالات للعودة للحرب من جديد.. وذلك لا يتأتى إلا من خلال رؤية واضحة لعملية إحلال السلام تمكن جميع الأطراف الالتزام بها ودعمها وتنفيذ بنودها.
من ناحية أخرى تابعنا في اليومين الماضيين محاولة اغتيال رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش في قاعدة جبيت العسكرية عبر طائرتين مسيرتين .. حيث كان يشهد تخريج ضباط الكلية الحربية..؛ تلك الحادثة التي راح ضحيتها عدد من المدنيين بجانب ثلاثة ضباط حسب بيان الجيش..؛ والتي صنفها البعض انها تأتي ضمن سلسلة الضغوط التي تمارس على قيادة الجيش للذهاب للمفاوضات أو لتليين مواقفه الممانعة لقيام المفاوضات في منبر جديد.. خلاف منبر جدة.
كشفت الحادثة عن خزلان بين.. من قبل أصدقاء السودان.. بعدم إدانة المحاولة أو التنديد بها.. إذ أن عدد من الدول بما فيها العربية أو المنظمات الدولية تجنبت إعلان إدانتها الواضحة لمحاولة اغتيال رأس الدولة قائد الجيش السوداني لعدة أسباب..؛ منها ربما تداخل المصالح السياسية..؛ أو اعتبار الأمر شأن داخلي..؛ أو ربما ضغوط تتعرض لها هذه الدول من قبل الفاعلين الدوليين لعدم إعطاء السودان أفضلية في مواجهة التمرد الداخلي..؛ على أية حال يظل أمر عدم الإدانة غير مقبولا للشعب السوداني الذي ظل حاضرا مع جميع الدول الصديقة والشقيقة في كل شؤونها التي تستوجب التضامن..؛ حتى على مستوى الحوادث الداخلية المهددة لحياة الأفراد.. فهذه الحادثة تهدد رأس الدولة..؛كان منتظر مواقف إيجابية..؛ عبر القنوات الدبلوماسية المعلنة و غير المعلنة.
مع ذلك يظل أمر السلام في السودان مهم وضروري يستحق الجهد من جميع الأطراف الفاعلة..؛ وقد تابعنا خلال الأيام الماضية نشاطا مكثفا بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية على مستوى وزراء الخارجية..؛ كما تابعنا تحركات جيدة للمبعوث الأميركي توم بيريلو..؛ الذي أكد أنهم لن يجلسوا ويشاهدوا السودانيين يواصلون الموت..؛ كذلك اجتماع بلينكن خلال اليومين الماضيين مع نظيره الإماراتي عبدالله بن زايد اللذان بحثها الأوضاع في السودان وتداعياتها الإنسانية..؛ كذلك نشاط منظمة الايقاد المكثف التي أعلنت أنهم يواصلون جهودهم واتصالاتهم المستمرة مع الرئيس البرهان ومع قائد التمرد حميدتي لوقف الحرب..كذلك اجتماع الرئيس المصري مع رئيس تشاد في القاهرة لوقف الحرب.
كذلك حديث هنا وهناك عن مؤتمر يعقد في أديس ابابا قريبا لمناقشة القضايا الإنسانية وقضايا الحرب والقضايا السياسية بين الفاعلين السودانيين والدوليين.. في تقديري وعدد أن جميع هذه المجهودات جيدة إذا خلصت النوايا لأجل وقف الحرب بعيدا عن اجندات التكسب السياسي والمصالح الاقليمية والدولية.. فالسودانيين باتوا يدركون حجم المخطط الذي يستهدف كيان دولتهم..؛ لذلك لايقبلون بنصف انتصار في حرب حددت طريقة نهاياتها الانتهاكات الواسعة التي صاحبتها بجانب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي اثبتتها عدد من المنظمات الدولية .. التي كانت على أجساد المدنيين قبل ممتلكاتهم.. حيث أعادت للأذهان تاريخ حروب التطهير العرقي والقتل على أساس الهوية..؛ لذلك على الجميع أن يدعم مبدأ الأمن والسلام العادل في بلادنا لأجل السودان والسودانيين..؛ حتى يقفل الباب تماما على اي إحتمالات لعودة للحرب.. أو العودة للصراع السياسي من جديد.
دمتم بخير وعافية..
3اغسطس 2924م. Shglawi55@gmail.com